نظم مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة ندوة حوارية خاصة عبر تطبيق "جوجل ميت"، تناولت تطورات المشهد السياسي في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد نقض الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار، وسط تعقيدات في المفاوضات وخلافات داخلية في تل أبيب.

وشارك في اللقاء كل من جمال زحالقة، العضو السابق في الكنيست، وأليف صباغ، الخبير في الشأن الإسرائيلي، حيث قدّما رؤى تحليلية حول موقف (إسرائيل) من المفاوضات، ودور حكومة بنيامين نتنياهو في تأجيج الصراع لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.

حماس مرنة في المفاوضات لكنها لن تتنازل عن مبادئها

أكد جمال زحالقة أن حركة حماس تبدي ليونة في العديد من القضايا خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، لكنها ترفض التنازل عن المبادئ الأساسية التي تراها غير قابلة للنقاش، وعلى رأسها ضمان وقف دائم للحرب، وانسحاب (إسرائيل) الكامل من غزة، وإعادة إعمار القطاع.

وأشار زحالقة إلى أن (إسرائيل)، بقيادة نتنياهو، ترفض هذه الشروط وتصر على استمرار العمليات العسكرية، في محاولة لتعزيز موقفها السياسي داخليًا. وأضاف أن المجتمع الإسرائيلي يعاني من انقسام حاد حول استمرار الحرب، إذ تعارض قطاعات واسعة سقوط المزيد من الجنود وتفاقم أزمة المحتجزين.

وفي سياق المفاوضات، أوضح زحالقة أن قطر ومصر تواصلان جهودهما لتقريب وجهات النظر، لافتًا إلى أن حماس لم ترفض المقترحات المطروحة، لكنها تطالب بضمانات حقيقية لوقف الحرب بشكل دائم، وهو ما تماطل فيه (إسرائيل). كما شدد على أن الدول العربية تملك نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا قادرًا على التأثير في مسار الأحداث، لكنها لا تستخدمه بفاعلية كافية.

وأشار زحالقة إلى أن نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية، إذ يخشى من تداعيات الانتخابات المبكرة أو تشكيل لجان تحقيق حول قراراته العسكرية، واختتم حديثه بالتساؤل عن كيفية وقف نزيف الدم في شهر رمضان، معربًا عن أمله في أن تسفر الجهود الدبلوماسية عن حل ينهي معاناة الفلسطينيين.

معضلة المحتجزين تدفع إسرائيل نحو الفاشية

من جانبه، أكد أليف صباغ أن أزمة المحتجزين الإسرائيليين في غزة، ومعظمهم من الجنود، تشكل معضلة كبيرة للحكومة الإسرائيلية، حيث بدأت عائلاتهم تصعّد احتجاجاتها، متهمةً الحكومة بالتمييز ضدهم. وأضاف أن هذه المظاهرات تتقاطع مع احتجاجات أخرى ضد سياسات نتنياهو، مما يعكس حالة من الغليان الداخلي.

وأوضح صباغ أن نتنياهو يستغل الأوضاع الراهنة لترسيخ سيطرته على "الدولة العميقة" في (إسرائيل)، وهو ما يدفع البلاد نحو مزيد من الفاشية والتطرف، محذرًا من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى ردود فعل عنيفة داخل المجتمع الإسرائيلي.

وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد تطالب بثمن سياسي وأمني أكبر في أي اتفاق مستقبلي لوقف الحرب، مشددًا على أن (إسرائيل) تسعى إلى إضعاف حماس عبر استمرار الضغط العسكري، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.

كما تطرق إلى دور محكمة الجنايات الدولية، لافتًا إلى أن عدم اتخاذها إجراءات حاسمة ضد (إسرائيل)، نتيجة الضغوط الأمريكية، يمنح الاحتلال ضوءًا أخضر لمواصلة جرائمه.

وفي ختام حديثه، أشار صباغ إلى أن (إسرائيل) تعيش حالة من التضليل الإعلامي بشأن الحرب، حيث كشف استطلاع حديث أن 53% من الإسرائيليين يؤيدون استمرار العمليات العسكرية، رغم وجود انقسامات داخل الجيش بشأن العودة إلى القتال.

ختام وتوصيات

خلص المشاركون في الندوة إلى أن استمرار العدوان على غزة يعكس سياسة ممنهجة من (إسرائيل) لتصفية القضية الفلسطينية، في ظل تواطؤ دولي وصمت عربي. كما أكدوا أن المجتمع الإسرائيلي يواجه انقسامات متزايدة بسبب سياسات نتنياهو، مما قد يؤدي إلى تداعيات داخلية على المشهد السياسي الإسرائيلي.

ودعا الخبراء إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية والإعلامية لكشف جرائم (إسرائيل)، والعمل على حشد دعم دولي لإنهاء العدوان، مع التأكيد على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة التحديات المقبلة.