خبراء يوصون باستثمار الحرب الروسية الأوكرانية بما يخدم القضية الفلسطينية
أوصى باحثون وخبراء في الشؤون الدولية والعربية والصهيونية بالعمل الجاد من المسؤولين الفلسطينيين وبشكل استباقي - وبغض النظر عن أسباب ونتائج الحرب الروسية الأوكرانية - لخدمة القضية الفلسطينية وتفعيل كافة المسارات السياسية والدبلوماسية والإعلامية وغيرها، بما يجنب فلسطين الآثار الاقتصادية السلبية المتوقعة، وتحويلها لرافعة سياسية للقضية في المحافل الدولية من خلال تسليط الضوء على المعايير المزدوجة للمجتمع الدولي في التعامل بين ما يواجهه الشعب الأوكراني وما واجهه الشعب الفلسطيني طوال عقود.
وقال متحدثون خلال الندوة التي نظمها مجلس العلاقات الدولية بشكل مشترك مع مركز الدراسات السياسية والتنموية في فندق المارنا هاوس بغزة تحت عنوان: "انعكاسات الحرب الأوكرانية على الإقليم والقضية الفلسطينية" لنخبة من الخبراء والمختصين في العلاقات الدولية والعربية والشأن الصهيوني، بأن النظام العالمي قبل الحرب على أوكرانيا لن يكون كما بعدها، متوقعين انتهاء عصر الأحادية القطبية الذي اكتوت بناره المنطقة العربية والدول النامية بشكل خاص.
من جانبه قال الدكتور نواف إبراهيم الخبير في العلاقات الروسية العربية، خلال مداخلة عبر برنامج الزوم، "أن السيطرة على أوكرانيا ستمكن روسيا من السيادة والتحكم في الإقليم"، مبينا أن الحرب جاءت في الوقت التي تراجع فيه الموقف الأمريكي عن دعم حقوق الشعب الفلسطيني مما شجع الاستيطان وانتهى بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
وأشار إلى أن روسيا كان تقف بشكل دائم مع القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الأهم عالميا وأنه لابد من إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة، وأكد أن الحرب فرصة للشعب الفلسطيني لاستعادة تلك الحقوق، مشيرا إلى ازدواجية معايير بين نظرة الغرب للعملية العسكرية في أوكرانيا وما تعرض له الفلسطينيين من انتهاكات وحروب على مدى 7 عقود.
وبين أن الحرب تشجع لقاء الفصائل في موسكو لإنهاء الانقسام الفلسطيني، داعيًا لاستثمار الصمود الروسي في وجه الغرب كافة بهذه المرحلة بما يخدم القضية.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة عبر تطبيق الزوم، رغبة أوكرانيا الانضمام لحلف الناتو تهديدًا وجوديًا لروسيا يستدعي استخدام القوة العسكرية لمنع حدوثه، مشيرًا إلى وجود وضع خاص يتعلق بجورجيا وأوكرانيا بالنسبة لروسيا، رافضاً وصف الأزمة الروسية الأوكرانية بالـ"أزمة الكونية" التي تؤثر على كل العالم، أو تحولها لحرب عالمية، "ولكنها شكل من أشكال الصراع على النفوذ في النظام العالمي، ستؤدي في نهايتها إلى بداية نظام دولي متعدد القطبية".
وأوضح نافعة أن النظام الجديد سيفتح الباب أمام الدول التي عانت من أحادية القطبية وأهمها الدول العربية في المنطقة وخاصة الشعب الفلسطيني، وبحسب نافعة فإن القيادة السياسية الفلسطينية تعرضت لضغوط شديدة من الإدارة الأمريكية لاتخاذ موقف يستنكر "العدوان الروسي على أوكرانيا"، وأخرى من روسيا لتأييد "حملتها العسكرية على أوكرانيا" لكنها رفضت الانحياز خوفًا على تضرر مصالحها في هذه المرحلة.
وطالب نافعة الدول العربية وفلسطين بالتحرك خاصة على صعيد تحقيق الوحدة الفلسطينية محذرًا من "أن استمرار الموقف العربي والفلسطيني على ما هو عليه من الترقب فلن ننجح في استثمار الحرب في أوكرانيا لصالح القضية الفلسطينية"، على حد قوله.
من جهته قال المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات: إن المنطقة والعالم تشهد حراكا إسرائيليا غير مسبوق يقوم جزء منه على المصالح، وجزء منه على تخوفات أمنية.
وأضاف بشارات، أن (إسرائيل) تسعى في تحركها لتحقيق مصالحها واستغلال الوضع الراهن من أجل الاستفادة سياسيا واقتصاديا مما يجري، وخاصة عبر زيارتها لتركيا التي أكدت لها أن الزيارة رمزية برمزية الضيف، وأن مصالحها الاستراتيجية مع اليونان وقبرص والمصلحة مع تركيا لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
وتابع، "(إسرائيل) تضغط على تركيا للتقدم نحو الأمام في العلاقات فلا بد لها من طرد قيادة حماس، ولكن تركيا مصرة للحفاظ على علاقاتها مع الحركة".
وبين أن (إسرائيل) تخشى من واقع أمني تستغله إيران في ظل انشغال الولايات المتحدة الأمريكية في الأزمة الروسية الأوكرانية وبالتالي تعريضها لخطر المهاجمة الإيرانية وعدم رد الولايات عليها وخاصة بعد الهجوم على أربيل.
وأوضح أنه يوجد قطار جوي بين الكيان والدول الخليجية والأردن والولايات المتحدة لمحاولة وقف أي تصعيد خصوصا مع اقتراب شهر مضان والأعياد اليهودية.
وأشار إلى أن (إسرائيل) تسعى لفرض نفسها كقوة تحفظ التوازنات في الإقليم عبر تصدير نفسها كبديل عن الولايات المتحدة، مردفا: " أن بينت تحدث حول ذلك في تصريحات متعددة"، ويبدو أن دول الخليج وغيرها في المنطقة وافقت على ذلك وقد كان هناك لقاء مع الكيان تحت رعاية الأسطول الأمريكي الخامس.
من ناحيته بين مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي ياسين أقطاي، أن تركيا موقفها حساس وعلى علاقة متساوية بين روسيا وأوكرانيا وربما تكون الوحيدة القادرة على عقد حوار بين الجانبين.
وأشار أقطاي، أن تركيا حاولت أن تكون وسيطا في حل الفوضى الروسية الأوكرانية ومنع حدوث حرب وإنهاء الأزمة، مبيناً أنها تعاني من اللاجئين القادمين من سوريا والعراق واليمن، ما يؤثر على النسيج الاجتماعي وهذا يعكس على الشأن السياسي.
وقال حاولت تركيا منع حلف الناتو من تشجيع أوكرانيا على الانضمام للحلف لسد الذرائع التي تستخدمها روسيا لتبرير عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وللأسف هذا ما حدث، متوقعًا أنه لا يوجد منتصر من هذه الحرب فالجميع سيكون خاسر لاسيما وأن روسيا ستستنزف الكثير من قوتها.
ومن جهته بين رئيس مجلس العلاقات الدولية باسم نعيم أن الأزمة هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، مؤكدا على أن المجتمع الدولي خذل القضية الفلسطينية وأن العالم قبل حرب أوكرانيا ليس كما بعدها خاصة فيما يتعلق برعاية الولايات المتحدة الدائمة للكيان. متوقعًا أن تكون هناك تداعيات كبيرة على مستوى القضية الفلسطينية والإقليم بشكل عام، مع وجود "فرصة كبيرة للتحرك للاستفادة من الأزمة" وتحويل المخاطر المتوقعة إلى فرصة.
وأوضح نعيم أن الشعب الفلسطيني يتعامل من الحرب في أوكرانيا من خلال نقطتين متباينتين الأولى؛ "أن الشعب الفلسطيني الذي عانى سبعة عقود من القتل والدمار فإننا نتألم من مشاهد القتل لأي شعب آخر خاصة المدنيين"، وأكد تعاطف الشعب الفلسطيني مع ضحايا العدوان متمنياً الأمن والسلام لجميع البشر، وفي المقابل "فإن الشعب الفلسطيني شعر بالخذلان من قبل المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
ودعا نعيم، للاستفادة من الحرب الروسية الأوكرانية بما يخدم القضية الفلسطينية ومتابعة التطورات وبناء تحالفات في الإقليم، محذرا، من استغلال الاحتلال ما يحدث للعالم لصالحها من خلال فرض نفوذها على الضفة الغربية والقدس، وقال "قبول العالم بمنطق القوة سيفتح شهية الكثيرين لحسم خياراتهم بالقوة وليس فقط (إسرائيل)"، مشيرًا إلى أن الأخيرة لديها خبرة عريقة في ما أسماه "التنقل بين الحلفاء"، وتحويل المخاطر إلى فرص، الأمر الذي يستوجب تحركًا فلسطينيا فاعلاً على كافة الصعد الإعلامية والدبلوماسية والفعل السياسي واستغلال التغير المتوقع حدوثه في النظام العالمي متعدد القطبية لخدمة القضية الفلسطينية.