قراءات فلسطينية للتقرير الاستراتيجي لمعهد الأمن القومي الإسرائيلي وانعكاساته على الواقع الفلسطيني
أجمع مختصون في الشأن الإسرائيلي ومحللون سياسيون اليوم الأحد على أن المقاومة الفلسطينية بعد معركة "سيف القدس" باتت تشكّل الخطر الوجودي الأول على "إسرائيل"، مؤكدين أنها وحّدت الجبهات الفلسطينية الثلاث نحو مواجهة الاحتلال.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها مركز الدراسات السياسية والتنموية بمدينة غزة تحت عنوان "قراءات فلسطينية للتقرير الاستراتيجي لمعهد الأمن القومي الإسرائيلي وانعكاساته على الواقع الفلسطيني".
وقال المحلل السياسي مصطفى الصوّاف إن الاحتلال في تقريره الأخير للأمن القومي يؤكد أنه مهزومًا من الداخل؛ "لكنه يحتاج لدفع من الخارج للقضاء على المشروع والحلم الصهيوني".
وأكد الصواف أهمية تعزيز المقاومة داخل الضفة المحتلة لأنها الساحة الأكثر تفاعلاً وتشكل خطرًا على الاحتلال ومستوطنيه.
وشدد على أهمية المقاومة على الجبهات الفلسطينية الثلاث (قطاع غزة والضفة والـ48)، مؤكدًا أن المهدد الأساسي للاحتلال هو المقاومة بكل أذرعها سواء بالقدس أو الضفة و48 وغزة، وكل يكمل بعضه.
وأضاف "المقاومة هي التهديد الأول والأهم بالنسبة للكيان، والتقرير الإسرائيلي لم يحمل جديدًا بالنسبة للاحتلال أو لشعبنا؛ فالاحتلال لن يخرج من أزمته لأن الوضع الداخلي له بات قابلاً للانهيار، وذلك يحتاج من الفلسطينيين التوحد خلف هذا الهدف".
ووافقه الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة في ذلك، مؤكدًا أن الاحتلال اليوم بات قلقًا جدًا على مستقل دولته.
وقال أبو شمالة إن تقرير معهد الأمن القومي الإسرائيلي نابع من خوف وقلق حقيقي يواجه هذا الكيان، "وإذا انتقلنا إلى الضفة المحتلة، يعترف العدو أن حالة الاستقرار هناك مؤقتة، وهي على وشك الانفجار".
وأضاف "إسرائيل تعيش حالة من الضعف رغم القوة الظاهرة، حين يقول بينت يجب أن نتجنب الحرب مع غزة هذا معطى جديد بالساحة الفلسطينية".
ودعا أبو شمالة لتعزيز العلاقة مع إيران لأنها الجهة الوحيدة التي تقدم لشعبنا السلاح، والتي تقف خلف المقاومة، متسائلاً: "لماذا نخجل من العلاقة معها؟".
وأوضح أن الذي يطيل أمد الاحتلال بالضفة المحتلة هو قيادة السلطة؛ متسائلاً: "لماذا لا يكون هناك موقف واضح وجريء من الذي يضع يده بيد المخابرات الصهيونية؟ إلى متى المجاملة السياسية بهذه القضايا المصيرية؟".
مخاطر محدقة
بدوره، أكد رئيس المركز الفلسطيني للحوار الديمقراطي والتنمية السياسية وجيه أبو ظريفة أن الاحتلال أراد من تقرير معهد الأمن القومي تحديد المخاطر المحدقة "بإسرائيل"، والقول لصانع القرار الصهيوني إننا تحت خطر وجودي.
وبيّن أبو ظريفة أن الاحتلال يحاول استعادة هيبته التي فقدها بمعركة "سيف القدس"، مضيفًا "علينا أن نكون واضحين، وهو كلما زادت أي قوة للفلسطينيين زادت قوتهم للضغط على الاحتلال".
وتابع حديثه "كلما توسعت مساحة الاشتباك مع إسرائيل؛ كلما كان هناك ضغط عليها؛ لذا يجب أن تكون مهمتنا الأولى هي البقاء على هذه الأرض".
الجبهة الداخلية
في حين، ذكر المتابع للشأن الإسرائيلي مؤمن مقداد أن جبهة الداخل الفلسطيني باتت جبهة جديدة تؤرق الاحتلال وتضاف إلى جبهتي الضفة المحتلة وقطاع غزة.
وأوضح مقداد أن ما حدث باللد والرملة والناصرة خلال معركة "سيف القدس" شكل صدمة واحباط كبير للاحتلال الإسرائيلي، حيث شكّل حرس وطني للتعامل مع فلسطيني الداخل وهذا الأمر جديد بعد المعركة.
كما أشار إلى أن منطقة النقب المحتل كان لها صدام بشكل مباشر مع المستوطنين، وأصبحت تشكل خطورة كبيرة على الاحتلال؛ "وما نشهده اليوم هي محاولة غير مقصودة من اليمين لجر حكومة بينيت للصدام مع فلسطيني الداخل بالنقب".
من جهته، أكد رئيس أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا محمد المدهون أن الاحتلال يعتبر كل الجبهات الفلسطينية مهدد واحد بخلاف عمّا كان يعتقده سابقًا أن لكل جبهة تعامل خاص ومهدد على حدا، وذلك برز بعد معركة "سيف القدس".
وأوضح المدهون أن غياب الذراع الأمريكية بالمنطقة يشعر الاحتلال بالهزيمة النفسية، وهو ما وضح جليًّا بتقرير معهد الأمن القومي الإسرائيلي، مؤكدًا أن انسحاب أمريكا المذل من افغانستان والعراق يؤدي ذلك لشعور نفسي متزايد وكأنهم تركوا وحيدين".