حكومة ضيقة مع بن غفير وسموتريش تهدد العلاقات بين الولايات المتحدة و(إسرائيل)
ترجمة خاصة:
قد يؤدي تعيين وزراء في مناصب وزارية رفيعة في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، الذين يحرضون ضد العرب، إلى تقويض القيم المشتركة التي تدعم العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة و(إسرائيل) في الوقت الذي يُغذّي هذا التعيين منتقدي (إسرائيل) في واشنطن
يستعد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة، لاستعادة هذا المنصب بعد الانتخابات الخامسة التي شهدتها (إسرائيل) في أقل من أربع سنوات. وعلى الرغم من الانقسامات، يبدو أن البلاد انتقلت بوضوح إلى معسكر اليمين. فـ"حكومة التغيير"، التي حكمت لعام جمعت اليسار والوسط واليمين وحزبًا عربيًا للمرة الأولى، لكنها سرعان ما اندثرت بسبب العنف وليس بسبب تنوعها الإيديولوجي. وأظهرت استطلاعات الرأي أنه في آذار/مارس 2022 اعتقد غالبية اليهود الإسرائيليين أنه لأمر جيد أن يكون هناك حزب عربي في الحكومة. وتغيرت وجهة النظر هذه بشكل كبير مع اندلاع الأعمال "الإرهابية" الفلسطينية ضد الإسرائيليين خلال شهر رمضان - وادعاء اليمين بأن الحكومة كانت محدودة في ردها لأنها اعتمدت على حزب عربي.
وفي الواقع، لم تتساهل حكومة بينيت في ردها، لكن هذه الصورة لازمتها وساهمت في بروز حزب اليمين المتطرف بقيادة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش. وكان "الحزب الصهيوني الديني" الفائز الأكبر من العنف وتنامي انعدام الثقة بالعرب الإسرائيليين، بحيث أصبح ثالث أكبر حزب في (إسرائيل).
وصحيح أن نتنياهو في موقع يخوّله تشكيل حكومة، وكان خطابه ليلة الانتخابات أكثر تصالحية بكثير من حملته الانتخابية. لكن الخيارات المطروحة أمامه ليست بسيطة. فالمسار الأوضح لتشكيل الحكومة يتوقف على تأسيس ائتلاف يميني ضيق. ومثل هذه الحكومة لن تكتفي بجعل بن غفير وسموتريش يتوليان مناصب وزارية رفيعة، بل ستسمح لهما بالحفاظ على توازن القوى داخل الحكومة.
قد لا يكون نتنياهو مغامرًا، لكن بن غفير وسموتريش هما كذلك. وسيكون لذلك تداعيات في (إسرائيل) على "عرب إسرائيل" والنظام القانوني؛ ومع الفلسطينيين والزيادة المحتملة في العنف؛ ومع الشركاء العرب في السلام مع (إسرائيل). (كان وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، قد حذر نتنياهو خلال رحلة قام بها إلى (إسرائيل) قبل الانتخابات من أن إشراك سموتريش وبن غفير في الحكومة الإسرائيلية سيؤثر على العلاقة مع الإمارات).
وستصل ارتدادات ذلك إلى أمريكا أيضًا. فقد حذر السيناتور روبرت مينينديز، وهو ديمقراطي وسطي يشتهر بدعمه لـ(إسرائيل)، بوضوح من التداعيات على العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية إذا تولى سموتريش وبن غفير مناصب بارزة في الحكومة. ويجب أن يدق ذلك أجراس الإنذار في (إسرائيل). وبقوله هذا، تناول مينينديز موضوعًا جوهريًا يتعلق بالعلاقة الأمريكية-الإسرائيلية؛ إنه أمر متجذر في القيم المشتركة بين البلدين.
وصحيح أن المصالح المشتركة مهمة، لكن الأمريكيين يرتبطون بـ(إسرائيل) بسبب هذه القيم المشتركة. فهي التي جذبت هاري ترومان لدعم قيام دولة (إسرائيل)؛ ودفعت بجاك كينيدي ليكون أول من يتحدث عن إنشاء "علاقة خاصة"؛ وجعلت رونالد ريغان يرتبط بالدولة اليهودية. وبالمثل، أثمرت هذه القيم المشتركة عن دعم قوي لـ(إسرائيل) بين أعضاء الكونغرس الأمريكي والحزبين الجمهوري والديمقراطي القادمين من مقاطعات أو ولايات بالكاد تضم سكانًا يهود. وقد ساهمت هذه القيم المشتركة في صنع عدسة أظهرت المصالح بشكل أوضح، وجعلت (إسرائيل) تحظى بدعم الحزبين.
وإذا فُقدت هذه القيم المشتركة، سنفقد معها أمرًا أساسيًا. كما سيمنح فقدانها أشد منتقدي (إسرائيل) في الولايات المتحدة دفعة هائلة. وبالفعل يجادل البعض في الحركة التقدمية بأن (إسرائيل) لا تشارك الولايات المتحدة قيمها -وهذا هو مصدر انتقادهم لـ(إسرائيل). فهم يريدون إبعاد الولايات المتحدة عن (إسرائيل)، وتغيير طبيعة العلاقة، والتصويت ضد المساعدة العسكرية، وحتى حرمان (إسرائيل) من حق الدفاع عن نفسها عندما يطلق حزب الله أو حماس صواريخ ضدها.
ولا يمكن أن يحصل هؤلاء التقدميين على هدايا أفضل من وجود وزراء في الحكومة المقبلة معادين للعرب، ويحرضون الحكومة ضدهم، ويعارضون القضاء المستقل والفصل بين السلطات. وإذا اختار نتنياهو تشكيل حكومة يمينية ضيقة، سيكون إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش ممثلين لها. فسيؤدي عداؤهما العلني للعرب الإسرائيليين، و"الإصلاحات" القانونية التي يعتزمان إجراءها إلى إضعاف صورة (إسرائيل) كدولة ديمقراطية.
وأولئك الذين لا يجبون (إسرائيل) سيغتنمون هذه الفرصة. وسوف يستغلون الأمر لزيادة شعبيتهم في الكونغرس الأمريكي والبلاد، وأمام الشعب لمحاولة تقويض العلاقة مع (إسرائيل)، وحتمًا لرفض الطلبات العسكرية الإسرائيلية. وسيرون فيها كفرصة للانضمام إلى نظرائهم الأوروبيين الذين يسعون إلى نزع الشرعية عن (إسرائيل).
والحقيقة أنه لا يجب اعتبار طابع العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية أمرًا مفروغًا منه. نعم، ثمة نقاط قوة ثابتة ومتأصلة لأنه، بغض النظر عن النقاد، ذكّرت الدورات الانتخابية الخمس الجميع بأن (إسرائيل) دولة ديمقراطية يقول فيها الشعب كلمته الأخيرة. ونعم، إن (إسرائيل) هي أيضًا "دولة ناشئة" وتقدم الكثير لمنطقتها والعالم في مجالات المياه والمواد الغذائية والصحة والأمن السيبراني. (بالإضافة إلى ذلك، في الوقت الذي يُشير استخدام الطائرات المسيّرة الروسية والإيرانية إلى قيام مخاطر وتهديدات جديدة للعالم، فمن المرجح أن تؤدي التطويرات والمستجدات الإسرائيلية التي يمكن أن تغير قواعد اللعبة، مثل الدفاعات القائمة على الليزر، إلى إضافة المزيد إلى أهمية (إسرائيل) كشريك للولايات المتحدة).
ومع ذلك، هناك حملة ضد (إسرائيل) ومن المهم عدم إفساح المجال أمام الأطراف المصممة على إضعاف علاقتها بالولايات المتحدة. فتشكيل الحكومة هو قرار إسرائيلي. وفي الظروف العادية، نحن، كأمريكيين، لن نقدم مشورتنا في هذا الشأن. لكننا لا نشهد ظروفًا عادية، ومنطقيًا، لا يمكننا أن نبقى صامتين بينما ندرك الأثر الهائل الذي ستخلفه كلمات وأفعال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، إذا استلما حقيبتين وزاريتين رئيسيتين، على العلاقة بين الولايات المتحدة و(إسرائيل). فهذه العلاقة ثمينة ومهمة للغاية للبلدين والشرق الأوسط ككل -نظرًا للتهديدات الإيرانية -بحيث لا يجب تقويضها. وعلى الرغم من أن ذلك سيعني التصدي لصعود اليمين المتطرف الآخذ في التزايد، سيكون من الحكمة لنتنياهو ألا يشكل حكومة ضيقة القاعدة بل حكومة ذات قاعدة عريضة تُجسد القيم الديمقراطية لـ(إسرائيل) بدلاً من أن تقوّضها.