خيبة أمل فلسطينية بعد زيارة بايدن
يوني بن مناحم
- أصابت زيارة الرئيس بايدن إلى الشرق الأوسط في 13-16 يوليو 2022 رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالإحباط وخيبة الأمل. وسط مطالبات قيادة فتح باتخاذ إجراءات صارمة ضد (إسرائيل)، لكن عباس متردد في تبني أي سياسة معينة.
- يشغل عباس منصب رئيس السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ومنظمة فتح السياسية / العسكرية.
- ويكثف عباس التنسيق مع العاهل الأردني الملك عبد الله ويستعد لدورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر.
تسببت العملية الناجحة للجيش الإسرائيلي في نابلس في 23 من هذا الشهر، والتي قتل فيها "إرهابيان" كانا يخططان لهجوم على قبر يوسف في نابلس، بإحراج شديد للسلطة الفلسطينية. وزادت المداهمة من حدة الغضب تجاه عباس في الشارع الفلسطيني لاستمراره في التنسيق الأمني مع (إسرائيل) في الوقت الذي يقضي فيه الجيش الإسرائيلي على عناصر من كتائب شهداء الأقصى التابعة لجناح فتح العسكري.
منذ أن زار بايدن القدس الشرقية وبيت لحم، والسلطة الفلسطينية في حيرة من أمرها. عباس ليس لديه أي بشريات لسكان المناطق، ونتائج زيارة بايدن كانت كما توقعها، ولذلك عليه الآن أن يقرر ما سيفعله في المستقبل.
وأفادت مصادر مقربة من عباس إن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ستجتمع قريبًا لمناقشة تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بشأن تجميد اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بـ(إسرائيل) واتفاقاتها، بما في ذلك التنسيق الأمني.
هناك مدرستان فكريتان بين كبار ضباط فتح. يمثل المدرسة الأكثر تشددًا نائب رئيس المنظمة محمود العالول، الذي قال إن (إسرائيل) لا تفهم سوى القوة. بعد مقتل "الإرهابيين" في نابلس، وأكد العالول أن "(إسرائيل) لا تفهم إلا لغة المقاومة"، أي الهجمات "الإرهابية".
يقود حسين الشيخ وماجد فرج المدرسة البراغماتية. وقد قال الشيخ، الذي يعتبر خليفة محتملاً لعباس، لصحيفة نيويورك تايمز في 15 يوليو، 2022، أنه لا يعتقد أن (إسرائيل) "جادة في إنهاء الاحتلال، لذلك ليس أمام الفلسطينيين خيار سوى الاستمرار في العمل ضمن الترتيب الحالي".
يدرك عباس جيدًا، من خلال خبرته الدبلوماسية الواسعة، أن اللجوء للعنف والإرهاب، سيضر الفلسطينيين وقضيتهم فقط. في الوقت الحالي، على الرغم من إعادة تأكيد بايدن على التزامه بحل الدولتين، فإن الفلسطينيين ليس لديهم أفق سياسي.
تعهد بايدن خلال زيارته للشرق الأوسط، بتقديم المساعدة الاقتصادية للفلسطينيين ولمستشفيين في القدس الشرقية ولللاجئين الفلسطينيين عبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). لكن المطالب الفلسطينية -التي تشمل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وإزالة منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية -لم يتم الرد عليها.
وفقًا لتقرير فلسطيني لم يتم نفيه، قال بايدن لعباس: "مطالبكم تحتاج السيد المسيح لتحقيقها".
على الرغم من أن الفلسطينيين سيحاولون وضع استراتيجية جديدة، إلا أن عباس يعلم أنه يجب أن يظل براغماتيًا ويتجنب الإجراءات المتطرفة -أو أن يضع نفسه في مواجهة مع إدارة بايدن التي لا يمكنه أن يخسرها. علاوة على ذلك، فإن الظروف السياسية الحالية في (إسرائيل)، وفي ظل صراعات انتخابية، تعني أنه لا يوجد شريك إسرائيلي لعباس في الوقت الحالي. وأيضًا الوضع السياسي لوزير الدفاع بيني غانتس غير واضح، ورئيس الوزراء يائير لبيد ليس في عجلة من أمره للقاء عباس خوفًا من أن يضره ذلك في الانتخاب.
التقدير السائد في قيادة فتح هو أن عباس سيحدث الكثير من الضجة الإعلامية، لكنه لن يفعل شيئاً لتغيير العلاقات القائمة مع (إسرائيل). وهذه أيضًا نصيحة حسين الشيخ وماجد فرج لتهدئة الشارع الفلسطيني المحبط والغاضب.
خيبت إدارة بايدن أمل السلطة الفلسطينية بشدة. تضغط إدارة بايدن على عباس لدعم مفهوم التطبيع بين (إسرائيل) والدول العربية. بالنسبة لعباس، هو يرى في ذلك محاولة من الإدارة للالتفاف على المشكلة الفلسطينية ولهذا يرفض الأمر بشدة. يشعر عباس بالإحباط بسبب دعم بايدن لـ(إسرائيل)، من خلال "إعلان القدس"، ومن حقيقة إضافة بايدن مليار دولار أخرى -مخصصة لقدرات الدفاع الجوي الإسرائيلية -إلى 3.8 مليار دولار من المساعدات الأمريكية السنوية لـ(إسرائيل).
ترى قيادة فتح ومع اقتراب انتخابات الكونجرس الأمريكية في نوفمبر، أن إدارة بايدن تختار تعزيز العلاقات الثنائية مع (إسرائيل) وتعزيز عملية التطبيع واندماج (إسرائيل) في المنطقة على حساب الفلسطينيين. واجهت رغبة الفلسطينيين في تغيير قواعد اللعبة مع (إسرائيل) عقبات جدية من بينها معارضة الإدارة الامريكية التي تسعى لإدارة الصراع وليس حله. بالرغم من ذلك، لا يستطيع عباس أن يتجاهل رغبات الرئيس بايدن.
التنسيق مع الأردن ضد (إسرائيل)
ما تبقى إذًا لرئيس السلطة الفلسطينية هو تنسيق المواقف مع الملك عبد الله ملك الأردن. ففي 24 يوليو، التقى عباس بالعاهل الأردني في عمان لاطلاعه على لقاءاته مع بايدن ومع الرئيس ماكرون في باريس.
من وجهة نظر عباس، كانت زيارة بايدن فاشلة. لذلك، ناقش عباس وتبادل الأفكار مع الملك عبد الله حول مبادرة دبلوماسية يتم طرحها في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر للتأكيد على مركزية المشكلة الفلسطينية في المجتمع الدولي.
ينظر عباس وعبد الله بقلق شديد إلى احتمال عودة حزب الليكود، برئاسة بنيامين نتنياهو، لقيادة (إسرائيل) كنتيجة للانتخابات المقبلة.
وتقول مصادر رفيعة المستوى في السلطة الفلسطينية إن دور الأردن "حاسم". حيث يُنصت بايدن للملك عبد الله وكذلك الزعماء الأوروبيين.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الأردن والسلطة الفلسطينية سيطالبان بأن يكون أي تقدم في التعاون الاقتصادي في المنطقة مشروطًا باستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
وسيواصل عباس وعبد الله الاجتماعات في الأسابيع المقبلة. سيكون من المثير للاهتمام أن نرى الرسائل التي يحاول عباس إيصالها في خطابه المرتقب أمام الجمعية العامة؛ في كل عام، يحاول ابتكار "مفاجآت".
في غضون ذلك، يؤكد عباس وعلى الرغم من أن عمره 87 عامًا، أنه يتمتع بصحة جيدة. فبعد عودته من الأردن، خضع لفحوصات "روتينية" في مستشفى في رام الله. وقال حسين الشيخ المقرب منه لوسائل الاعلام أن "حالته الصحية جيدة".