الأمن البشري والفهم الاستراتيجي لحلف الناتو لعام 2022 المعرفة، الرؤى والدروس المستفادة
كالي هيرد، بولين باييه، كريستين ثو
من المقرر أن تتبنى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) مفهومها الاستراتيجي الجديد في القمة التي ستعقد في مدريد في الفترة من 29 إلى 30 يونيو2022، في قمة مدريد. تعتبر هذه الوثيقة ثاني أهم وثيقة للحلف بعد المعاهدة التأسيسية، تؤكد وثيقة الفهم الاستراتيجي من جديد قيم الناتو وأهدافه، وتقدم تقييمًا جماعيًا للبيئة الأمنية. يعتبر الفهم الاستراتيجي أساسيًا في دفع التكيف الاستراتيجي لحلف الناتو وتوجيه تطوره السياسي والعسكري في المستقبل. وقد أجرى الأمين العام ينس ستولتنبرغ سلسلة من المشاورات في الفترة الماضية لاستكشاف والتعرف على المجالات والقضايا الرئيسية ضمن المفهوم الاستراتيجي الجديد. كان الأمن البشري منذ فترة طويلة أولوية بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، إلا أن الأحداث الجارية وما حدث في أفغانستان بعد انسحاب القوات الغربية والغزو الروسي لأوكرانيا قد أعطت مزيدًا من الاعتبار والاهمية للدور الذي يلعبه الأمن البشري في أنشطة الناتو.
كان الهدف من الندوة الحوارية، المعنونة "الأمن البشري والمفهوم الاستراتيجي لحلف الناتو لعام 2022: المعرفة والرؤى والدروس المستفادة"، هو إثارة النقاش وجمع رؤى الخبراء فيما يتعلق بنهج الناتو تجاه الأمن البشري والمجالات الخمسة التي يقوم عليها وهي: حماية المدنيين؛ الأطفال والنزاع المسلح؛ مكافحة الاتجار بالبشر؛ منع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع وكيفية التعامل معه؛ وحماية الممتلكات الثقافية، واستكشاف كيف ستؤثر البيئة الأمنية المستقبلية على التصور والتطبيق حتى عام 2030 وما بعده.
لذلك ودعمًا لهذه المتطلبات، نظم مركز راند فرع أوروبا للأمن البشري، بالتعاون مع وحدة تخطيط سياسات الناتو ووحدة الأمن البشري في الناتو، وبدعم سخي من وزارة الخارجية النرويجية، ندوة جمعت أكثر من أربعين خبيرًا من أوساط عديدة من الجيش والحكومة والأوساط الأكاديمية ومراكز الفكر والمجتمع المدني لاستكشاف مفهوم الأمن البشري وتطبيقه في الناتو حاليًا وفي المستقبل. سيتم استخدام نتائج الندوة من قبل وحدة تخطيط السياسات في الناتو ووحدة الأمن البشري للإفادة في تطوير المفهوم الاستراتيجي لعام 2022 وأي أعمال الأمن البشري اللاحقة للحلف.
النتائج الرئيسية:
يجب أن يعكس تصور أو مفهوم الأمن البشري داخل الناتو الطابع المتغير للحروب.
لقد تغيرت البيئة الأمنية وطبيعة الصراع بشكل عميق منذ آخر تقرير للمفهوم الاستراتيجي عام 2010. يجب أن يعكس فهم الناتو للأمن البشري هذه التغييرات، بما في ذلك صعود الجهات الفاعلة غير الحكومية، والحرب المختلطة، وحرب المعلومات الكاذبة والمضللة.
في هذا السياق، تغير دور الجيوش -بما في ذلك قوات الناتو -إلى حد كبير.
يجب أن تتوقع قوات الناتو وأن تواصل الاستعداد للأدوار التي تتضمن مهام أمنية بشرية مهمة. ينبغي أن يكون الاستقرار وبناء القدرة على التكيف هو الهدف النهائي لأي مشاركة عسكرية، بدلاً من المفاهيم التقليدية للنصر العسكري. لذلك الأمن البشري شرط أساسي لتحقيق هذه الغاية النهائية.
يجب أن يكون العمل الاستباقي والوقائي والمرونة في الأداء في صميم منهجية الأمن البشري لحلف الناتو بالإضافة إلى المهام الأساسية لحلف الناتو.
يجب أن يكون هناك تمييز في التصورات والمفاهيم لحلف الناتو بين الأمن البشري وبين مسؤولية الحماية. وإعادة ترتيب الامور بعيدًا عن التركيز الكبير على التدخل العسكري والتحول بدلاً من ذلك الي الوقاية وخفض التصعيد والمرونة. أظهر الغزو الروسي المتواصل لأوكرانيا، بشكل عملي الأهمية الاستراتيجية المتساوية لوحدة الأراضي للدول وللأمن البشري، ولا سيما حماية المدنيين. بعبارة أخرى، يُظهر الغزو بشكل واضح أنه في الصراعات المعاصرة، الغايات لا تبرر الوسائل.
تعتبر الالتزامات بحماية المدنيين الخاصة بحلف الناتو في صميم المهام الأساسية للحلف وهي مهمة في ترجمة النوايا المرتكزة على مجموعة من القيم على المستوى الاستراتيجي إلى إجراءات على المستوى العملياتي والتكتيكي.
من المهم تعميم الالتزام بحماية المدنيين لتكون أحد المهارات أو العناصر الأساسية في عقيدة الناتو وفي التدريبات وتنفيذها في التدريبات على مستوى الدول وفي تدريبات الناتو وضمان تضمينها في ممارسات قوات الناتو. أشار المشاركون إلى أن تفعيل وإدراج متطلبات الأمن البشري وحماية المدنيين ضمن هياكل الخطط يجب أن يكون أولوية لترجمة الالتزامات في المفهوم الاستراتيجي وتطبيقها في المجال العسكري.
هناك مواضيع مرتبطة بالأمن البشري، مثل حماية الملكية الثقافية، أو مكافحة الاتجار بالبشر، لكنها أعطيت القليل من الأهمية مقارنةً بمهام حماية المدنيين التقليدية، في حين أن هذه القضايا في الواقع مترابطة بشكل كبير. ظل التقدم بطيئًا في وضع هذه القضايا على رأس جدول أعمال الناتو. يُظهر الصراع الحالي في أوكرانيا والدعوة إلى حماية المتحدثين بالروسية في الأجزاء الشرقية من أوكرانيا إلى إدراج الملكية الفكرية ضمن الحماية الثقافية.
لاحظ المشاركون أن بعض القضايا الرئيسية غير موجودة في تصورات الناتو الحالية للأمن البشري ويجب تضمينها في المنهجية العام للأمن البشري، مثل الآثار المترتبة على تغير المناخ والبيئة والفساد. إذا لم يتم تضمينها في التصور الأوسع للأمن البشري، فلن تكون هذه الجهود فعالة، لا سيما عندما تتطلب مهام الأمن البشري في كثير من الأحيان جهودًا لمعالجة الأسباب الجذرية.
التوصيات:
- يجب تضمين إشارة صريحة في مقدمة المفهوم الاستراتيجي لقيم الناتو، ولا سيما التزامه بدعم حقوق الإنسان وبنظام دولي قائم على القانون والقواعد.
- يجب أن يوضح المفهوم الاستراتيجي الصلة بين الأمن البشري ومهامه الأساسية الثلاث في البداية.
- يجب أن تنعكس الإجراءات الاستباقية والوقائية ضمن المفهوم الاستراتيجي لالتزامات الأمن البشري.
- يجب توسيع تصور الناتو للأمن البشري، ولكن حماية المدنيين يجب أن تكون ذات أولوية لإدراجها في المفهوم الاستراتيجي على وجه الخصوص.
- الالتزام بحماية الأمن البشري ضروري لتحقيق الفعالية العملياتية ونجاح المهمة.
- يجب أن تكون التوجيهات الاستراتيجية للأمن البشري المتضمنة في المفهوم الاستراتيجي العام قابلة للتنفيذ والتطبيق من قبل قوات الناتو.