إدارة بايدن تسعى لإعادة إحياء خطة ترامب الزائفة للسلام
ذا إنترسيبت، مايو 2022
لعقود من الزمان، استعصى تحقيق اتفاق سلام في الشرق الأوسط -خصوصاً اتفاق عادل للفلسطينيين -على كل إدارة أمريكية، ويبدو أنه مع مرور كل عقد من الزمان يصبح الأمر بعيد المنال.
كان الحل الذي تبنته إدارة ترامب، والذي كان يقوده كبير مستشاري دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، هو إبعاد الفلسطينيين عن القضية وتنظيم صفقة بين إسرائيل وجيرانها العرب حول التعاون المالي والعسكري وتكنولوجيا المراقبة. وتم التوقيع على اتفاقيات إبراهيم في 15 سبتمبر 2020.
كان توصيف كوشنر للخطة صريحًا. حيث كتب كوشنر العام الماضي بأن: "أحد أسباب استمرار الصراع العربي الإسرائيلي لفترة طويلة هو الأسطورة القائلة بأنه لا يمكن حل الصراع إلا بعد أن تحل إسرائيل والفلسطينيون خلافاتهم". "هذا لم يكن صحيحًا أبدًا. حيث كشفت اتفاقيات إبراهيم عن أن الصراع ليس أكثر من نزاع عقاري بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولا يمكنه تعطيل علاقات إسرائيل مع العالم العربي الأوسع.
استمر هذا التعاون في إطار الاتفاقيات، حيث منح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صندوق كوشنر الاستثماري نحو ملياري دولار وأعطى الضوء الأخضر لتمويل مشاريع إسرائيلية من ضمنه. تتحرك الآن إدارة بايدن بشكل متسارع لترسيخ اتفاق كوشنر وتمديده، وهذا يعتبر مسماراً آخر في نعش الوعود الانتخابية لحملة جو بايدن التي كانت تعد بجعل محمد بن سلمان "منبوذًا" بسبب دوره في مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقد ذكر موقع أكسيوس الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة تتوسط في مفاوضات بين السعوديين والإسرائيليين والمصريين لتطبيع العلاقات، وعقد اجتماع سري لمدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز مع محمد بن سلمان في أبريل. ويتوقف محور الصفقة على نقل جزيرتين مصريتين إلى إسرائيل، وهو مسار مثير للجدل أثار في الماضي احتجاجات كبيرة من المصريين. ويقال أيضاً أن بايدن وتحت ضغط ارتفاع أسعار الغاز يخطط للقاء محمد بن سلمان في وقت لاحق من هذا العام.
وفي إشارة أخرى على تغير الظروف، عقد مجلس الأمن القومي الأسبوع الماضي اجتماعا للجنة النواب شارك فيه كبار مسؤولي الإدارة لمناقشة السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، ووفقاً لأحد وكالات الاستخبارات الأمريكية ولمصدر مقرب من الإدارة طلب عدم الكشف عن هويته. بعد ذلك الاجتماع، هناك إحباط من عدم التركيز على حقوق الإنسان في سياق مناقشة تلك السياسات.
في الوقت الذي يدافع المؤيدون لصفقة ترامب واتفاقيات إبراهيم ويصفونها بأنها اتفاقيات سلام، يحذر الخبراء من أنها تصنع السلام فقط مع الحكام المستبدين، وليس مع عامة الجمهور العربي، الذي يعتبر أن تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل فيه انتقاص لحقوق الفلسطينيين ولا تحظي مثل هذه الاتفاقات بأي دعم شعبي. تتسآل سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية للديمقراطية في العالم العربي الآن "تطبيع؟ كيف يبدو ذلك؟ حكومة فصل عنصري توقع صفقة مع طغاة غير منتخبين في المنطقة؟ هل هذا طبيعي؟ "
غالبًا ما يتم تجاهل إرادة الشعوب في منطقة يسيطر عليها حكام مستبدون وغير منتخبين، يقول مسؤول المخابرات الأمريكية: "التقييم العام هو أن الشعب السعودي لا يدعم الاتفاقات، لكن ليس لديهم صوت".
يعد هذا الاجتماع واحداً من عدد من الإشارات لخطط هادئة من قبل إدارة بايدن لتطبيع العلاقات مع المستبدين في الشرق الأوسط في صفقة إقليمية كبرى تمثل امتداداً لاتفاقيات إبراهيم بإدارة ترامب. كان الأسبوع الماضي نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان -شقيق ولي العهد -ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في واشنطن، مما أثار تكهنات بأنهما التقيا. وفي رده على سؤال خلال مؤتمر صحفي، قال السكرتير الصحفي للبنتاغون، جون كيربي، "سواء كانا سيجتمعان على الهامش لأنهما موجودان في العاصمة في نفس الوقت، أعتقد أنه سيتعين سؤال أي منهما."
نظرًا لعدم شعبية مخططات التطبيع، فإن إحدى الطرق التي تستخدمها الولايات المتحدة لإغراء الزعماء الإقليميين تتمثل في الوعود بضمانات أمنية-ومن خلال اتفاقات توفر الولايات المتحدة بموجبها ردوداً عسكرية على الهجمات ضد أطراف إقليمية، مثلما حدث عندما أطلق الحوثيون صواريخ باليستية. كما حدث في دولة الإمارات العربية المتحدة في وقت سابق من هذا العام. لكن الخبراء يحذرون من أن مثل هذه الاتفاقات ستؤجج التوترات الإقليمية وتجعل من الحرب أكثر احتمالا، خاصة مع إيران.
"السؤال الحاسم هو ماذا ستستفيد الولايات المتحدة؟" تقول تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للحكم الرشيد. إذا تم إقرار الضمانات الأمنية، فإنها "ستزيد بشكل كبير من خطر انجرار أمريكا إلى الحرب. كما أنها ستزيد من استهتار شركاء أمريكا في الشرق الأوسط. وستحد من أي مساعي وراء حلول دبلوماسية معقولة وسيتم تحفيزهم على اتباع سياسات متهورة مع وجود الانطباع بأن الولايات المتحدة ستصلحها لهم في نهاية المطاف ".
الأساس الذي بُني عليه ما يسمى بالسلام هو العداء المشترك لإيران. بناءً على ذلك، ولكي يستمر السلام، يجب أن يستمر العداء مع إيران. يخفف الاتفاق التوترات بين السعودية وإسرائيل بينما يعزز العداء مع إيران. هذا ليس اتفاق سلام".