على الولايات المتحدة وروسيا البدء بالحوار قبل فوات الأوان
صموئيل شاراب، جيريمي شابير
تعهدت وقدمت الولايات المتحدة نحو 24 مليار دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، خلال الأشهر الخمسة الماضية منذ أن شنت روسيا حربها في أوكرانيا. يُساوي هذا أربعة أضعاف ميزانية الدفاع الأوكرانية لعام 2021 وأكثر. وتعهد حلفاء أمريكا في أوروبا وخارجها بمبلغ إضافي قدره 12 مليار دولار، طبقًا لمعلومات معهد "كيل" للاقتصاد العالمي.
ومع ذلك، تظل هذه المليارات أقل مما ترغب به الحكومة الأوكرانية من أجل الحصول على الأسلحة، وهذا ما أعلنه أعلنته حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي. يعكس هذا التباين بين ما تريده أوكرانيا وبين ما يستعد شركائها الغربيين لتقديمه حقيقة أن القادة الغربيين يتنازعهم اتجاهين مختلفين. فهم من جهة ملتزمون بمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي، لكنهم يحاولون أيضًا منع تصعيد الصراع ليصبح حربًا بين قوى عظمى.
لكن التصعيد حادث بالفعل، على الرغم من كونه تدريجيًا ويتم احتوائه حتى الآن في أوكرانيا. يقدم الغرب المزيد والمزيد من الأسلحة الفعالة، وتنشر روسيا المزيد والمزيد من الموت والدمار. طالما أن كلاً من روسيا والغرب مصممان على التغلب على الآخر في أوكرانيا ومستعدان لتسخير احتياطاتهم الكبيرة من الأسلحة لتحقيق هذا الهدف، فإن المزيد من التصعيد يبدو تقريبًا أمرًا متوقعًا.
يجب على الولايات المتحدة وحلفائها بالتأكيد الاستمرار في تزويد أوكرانيا بالمواد التي تحتاجها، ولكن ينبغي عليهم أيضًا -بالتشاور الوثيق مع كييف -البدء في فتح قنوات اتصال مع روسيا. يجب أن يكون وقف إطلاق النار في نهاية المطاف هو الهدف، حتى في ظل عدم التأكد من نجاحه.
سيكون بدء المحادثات في ظل احتدام القتال أمرًا محفوفًا بالمخاطر السياسية وسيتطلب جهودًا دبلوماسية كبيرة، لا سيما مع أوكرانيا، ولا يعتبر النجاح مضمونًا على الإطلاق. لكن المحادثات يمكن أن تكشف المساحة المحتملة للتسوية وتحديد طريقة للخروج من النفق. ما دون ذلك، هو احتمال أن تؤدي هذه الحرب في النهاية إلى دخول روسيا وحلف شمال الأطلسي في صراع مباشر.
تفترض المقاربة الأمريكي الحالية أن هذا الأمر لن يحدث، إلا إذا تم إعطاء الأوكرانيين أنظمة أو قدرات معينة تتجاوز الخط الأحمر الروسي. لذلك عندما أعلن الرئيس بايدن مؤخرًا عن قراره بتزويد أوكرانيا بأنظمة الصواريخ متعددة الإطلاق، والذي تقول كييف أنها في أمس الحاجة إليه، إلا أنه تعمد حجب الصواريخ طويلة المدى التي يمكن أن تضرب روسيا. كان منطلق القرار أن موسكو سوف تُصعد -مثل شن هجوم على الناتو -فقط إذا تم توفير أنواع معينة من الأسلحة أو إذا تم استخدامها لاستهداف الأراضي الروسية. الهدف هو توخي الحذر وعدم تجاوز هذه النقطة، في نفس الوقت إعطاء الأوكرانيين ما يحتاجون إليه "للدفاع عن أراضيهم من التقدم الروسي"، كما صرح السيد بايدن في بيان له في يونيو.
المنطق ملتبس. ينصب تركيز الكرملين تحديدًا على إحراز تقدم داخل الأراضي الأوكرانية. لا تكمن المشكلة في أن تزويد أوكرانيا ببعض الأسلحة المحددة قد يتسبب في حدوث تصعيد، بل تكمن في أنه إذا نجح دعم الغرب لأوكرانيا في وقف تقدم روسيا، فإن ذلك سيشكل هزيمة غير مقبولة للكرملين. والنصر الروسي في ساحة المعركة سيكون غير مقبول بنفس القدر بالنسبة للغرب.
إذا استمرت روسيا في التوغل أكثر في أوكرانيا، فمن المرجح أن يقدم الشركاء الغربيون أسلحة أكثر وأفضل. إذا سمحت هذه الأسلحة لأوكرانيا بخسارة روسيا لمكاسبها التي حققتها، فقد تشعر موسكو بأنها مضطرة إلى مضاعفة هجومها، وإذا كانت تخسر بالفعل، فقد تفكر جيدًا في شن هجمات مباشرة ضد الناتو. بعبارة أخرى، لا توجد نتيجة مقبولة للطرفين في الوقت الحالي. لكن المحادثات يمكن أن تساعد في تحديد الحلول الوسط اللازمة لإيجاد حل وسط.
يعتبر تصميم الغرب وروسيا على فعل كل ما يلزم للانتصار في أوكرانيا هو المحرك الرئيسي للتصعيد. يجب أن يفهم القادة الغربيون أن خطر التصعيد ينبع من الاختلاف التام لأهدافهم مع أهداف الكرملين؛ قد يكون حساب الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا بعناية أمرًا معقولاً، لكن يمكن أن يكون قليل الاهمية. ما يهم هو تأثير تلك الأسلحة على الحرب، وهو الأمر الذي يكاد يكون من المستحيل معرفته مسبقًا.
قد يعني عدم وجود خطوط حمراء روسية دقيقة، أن إمداد بايدن أوكرانيا بالأسلحة طويلة المدى التي يمنعها حاليًا لا يشكل مشكلة كما كان يُعتقد. ولكن حتى لو لم يتسبب أي نظام سلاح بحد ذاته في حدوث تصعيد كبير، إلا أنه وببساطة من غير المرجح أن يحل إرسال أسلحة أكثر وأفضل المشكلة. من الواضح أن الأسلحة الغربية دعمت وعززت الجيش الأوكراني في ساحة المعركة، لكن الروس كانوا على استعداد لمواجهة ذلك باستخدام أي مستوى مطلوب من القدرات ومن الدمار الضروري للانتصار أو على الأقل عدم الخسارة.
إننا نشهد دوامة كلاسيكية، يشعر فيها كلا الجانبين بضرورة بذل المزيد من الجهد بمجرد أن يبدأ الجانب الآخر في إحراز بعض التقدم. أفضل طريقة لمنع هذه الآلية من الخروج عن نطاق السيطرة هي بدء الحديث قبل فوات الأوان.